[center]فكيف يكون هذا الخالق هو ذاك ‏؟‏‏!‏ .
وقد ذكرنا في بداية المقال قول الله تعالى عن المسيح في سورة الزخرف : 59 : { إِنْ هُوَ إِلا عَبْـــدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ }.
مرة أخرى ارجو ان نتنبه الى أداة الحصر وهي حرف ( إلا ) في قوله تعالى : " إِنْ هُوَ إِلا عَبْــدٌ "
فالمسيح ليس إلا عبــد بشر بنص الآية الكريمة ..
وقول الله سبحانه وتعالى : {إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ
أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا
اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مؤمنين * قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا
وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ
عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ * قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ
رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا
عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ
خَيْرُ الرَّازِقِينَ * قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ
فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا
أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ } [ المائدة : 112 ]
11_ نهاية المسيح عليه السلام :
أراد اليهود
قتل نبي الله عيسى عليه السلام فتآمروا على ذلك ، إلا ان الله سبحانه
وتعالى أنجاه منهم فرفعه إليه ولم يتمكنوا منه .. قال الله تعالى عن اليهود
: { وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ
عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ
وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ
مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا
قَتَلُوهُ يَقِينًا بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزاً حكيماً} [ النساء : 157 ]
وفي قولهم - أي قول اليهود كما حكاه الله عنهم - وهو : { إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ }دلالة
ظاهرة على منتهى جرأتهم وقبح أفعالهم وتمردهم على الحق فهم لم يكتفوا
بتكذبيه بل سعوا إلى قتله وعزموا على ذلك وأعلنوا فعلتهم الشنعاء وأنهم
قتلوا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وأشاعوا ذلك بين الناس ، إلا أن
الحقيقة هي ان الله سبحانه وتعالى حفظ المسيح عليه السلام ورفعه إلى السماء
ولم يتمكنوا منه وكان الله عزيزاً حكيماً ..
وقد تظاهرت
الأدلة من الكتاب والسنة على أن عيسى بن مريم عبدالله - عليه الصلاة
والسلام - رفع إلى السماء بجسده الشريف وروحه ، وأنه لم يمت ولم يقتل ولم
يصلب ، وأنه ينزل آخر الزمان فيقتل الدجال ، ويكسر الصليب ، ويحرم أكل
الخنزير ، ويضع الجزية بمعنى أنه لا يقبل إلا الاسلام ، وثبت أن ذلك
النزول من أشراط الساعة ، وقد أجمع علماء الاسلام الذين يعتمد على أقوالهم
على ماذكرناه ، وإنما اختلفوا في معنى التوفي المذكور في قول الله عز وجل :
{إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [ آل عمران : 55 ] على أقوال :
أحدها : أن
المراد بذلك وفاة الموت ، لأنه الظاهر من الآية بالنسبة إلى من لم يتأمل
بقية الأدلة والقرائن ، ولأن ذلك قد تكرر في القرآن الكريم بهذا المعنى ،
مثل قوله تعالى : { قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ } [ السجدة : 11 ] ، وقوله سبحانه : { وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ}[ الانفال : 50 ] وعلى هذا المعنى يكون في الآية تقديم وتأخير .
القول الثاني
: معناه القبض ، نقل ذلك ابن جرير في تفسيره عن جماعة السلف ، واختاره
ورجحه على ما سواه ، ومن هذا المعنى قول العرب : توفيت مالي من فلان أي
قبضته كله وافياً وعليه يكون معنى الآية : إني قابضك من عالم الأرض إلى
عالم السماء وأنت حي ورافعك إلي .
القول الثالث : إن المراد بذلك وفاة النوم ، لأن النوم يسمى وفاة ، كقوله تعالى : { اللَّهُ
يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي
مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ
الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ }[ الزمر : 42 ]
والقولان الأخيران أرجح من القول الاول .
ومهما يكن من
أمر فالحق الذي دلت عليه الأدلة البينة ، وتظاهرت عليه البراهين ، أنه
عليه الصلاة والسلام رفع إلي السماء حياً ، وأنه لم يمت ، بل لم يزل عليه
السلام حياً في السماء ، إلى أن ينزل في آخر الزمان ويقوم بأداء المهمة
التي أسندت إليه ، المبينة في أحاديث صحيحة عن محمد رسول الله صلى الله
عليه وسلم . وسيكون نزوله عليه الصلاة والسلام علامة من علامات الساعة .
لقوله سبحانه وتعالى : { وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} أي أن عيسى عليه السلام سينزل في آخر الزمان ، ويكون نزوله ، علامه من علامات الساعة .
ثم يموت بعد ذلك الموته التي كتبها الله عليه مصداقاً لقوله تعالى : { وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا}
وأما من زعم أن اليهود قد تمكنوا منه وأنهم قتلوه أو صلبوه فصريح القرآن
يرد قوله ويبطله ، والأدلة على ذلك كثيرة معلومة ، منها قوله سبحانه وتعالى
في شأن عيسى عليه السلام : { وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي
إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ
كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مبين } [ المائدة : 110 ]فقد كف الله سبحانه اليهود عن المسيح حين هموا بقتله وانجاه من كيدهم .
ومن ذلك قوله تعالى على لسان المسيح : { وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ} ولا شك ان السلام على المسيح حين يموت لا يكون بتعليقه على الصليب ودق المسامير في يديه حتى يموت معذباً.
ومن ذلك قوله تعالى : { وَقَوْلِهِمْ
إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا
قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ
اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا
اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا } [ النساء : 157 ]
12 _إبطال وقوع صلب المسيح بالدليل التاريخي :
يدعي النصارى
أن المسلمين بقولهم بنجاة المسيح من الصلب ينكرون حقيقة تاريخية أجمع
عليها اليهود والنصارى الذين عاصروا صلب المسيح ومن بعدهم.
فكيف لنبي الإسلام وأتباعه الذين جاءوا بعد ستة قرون من الحادثة أن ينكروا ذلك؟ !!
قد يبدو الاعتراض النصراني وجيهاً لأول وهلة، لكن عند التأمل في شهادة الشهود تبين لنا تناقضها وتفكك رواياتهم.
ولدى الرجوع إلى التاريخ والتنقيب في رواياته وأخباره عن حقيقة حادثة الصلب، ومَن المصلوب فيها ؟ يتبين حينذاك أمور مهمة:
- أن قدماء النصارى كثر منهم منكرو صلب المسيح، وقد ذكر المؤرخون النصارى أسماء فرق كثيرة أنكرت الصلب.
وهذه الفرق هي: الباسيليديون والكورنثيون والكاربوكرايتون والساطرينوسية
والماركيونية والبارديسيانية والسيرنثييون والبارسكاليونية والبولسية
والماينسية، والتايتانيسيون والدوسيتية والمارسيونية والفلنطانيائية
والهرمسيون.
وبعض هذه الفرق قريبة العهد بالمسيح، إذ يرجع بعضها للقرن الميلادي الأول
ففي كتابه "الأرطقات مع دحضها " ذكر القديس الفونسوس ماريا دي ليكوري أن من
بدع القرن الأول قول فلوري: إن المسيح قوة غير هيولية، وكان يتشح ما شاء
من الهيئات، ولذا لما أراد اليهود صلبه؛ أخذ صورة سمعان القروي، وأعطاه
صورته، فصلب سمعان، بينما كان يسوع يسخر باليهود، ثم عاد غير منظور، وصعد
إلى السماء.
ويبدو أن هذا القول استمر في القرن الثاني، حيث يقول فنتون شارح متى: " إن
إحدى الطوائف الغنوسطية التي عاشت في القرن الثاني قالت بأن سمعان
القيرواني قد صلب بدلاً من يسوع".
وقد استمر إنكار صلب المسيح، فكان من المنكرين الراهب تيودورس (560م) والأسقف يوحنا ابن حاكم قبرص (610م) وغيرهم.
ولعل أهم هذه الفرق النكرة لصلب المسيح الباسيليديون؛ الذين نقل عنهم سيوس
في " عقيدة المسلمين في بعض مسائل النصرانية " والمفسر جورج سايل القول
بنجاة المسيح، وأن المصلوب هو سمعان القيرواني، وسماه بعضهم سيمون
السيرناي، ولعل الاسمين لواحد، وهذه الفرقة كانت تقول أيضاً ببشرية المسيح.

ويقول باسيليوس الباسليدي: " إن نفس حادثة القيامة المدعى بها بعد الصلب
الموهوم هي من ضمن البراهين الدالة على عدم حصول الصلب على ذات المسيح".
ولعل هؤلاء هم الذين عناهم جرجي زيدان حين قال: " الخياليون يقولون: إن المسيح لم يصلب، وإنما صلب رجل آخر مكانه ".
ومن هذه الفرق التي قالت بصلب غير المسيح بدلاً عنه: الكورنثيون
والكربوكراتيون والسيرنثيون. يقول جورج سايل: إن السيرنثيين
والكربوكراتيين، وهما من أقدم فرق النصارى، قالوا : إن المسيح نفسه لم يصلب
ولم يقتل، وإنما صلب واحد من تلاميذه، يشبهه شبهاً تاماً، وهناك
الباسيليديون يعتقدون أن شخصاً آخر صلب بدلاً من المسيح.
وثمة فِرق نصرانية قالت بأن المسيح نجا من الصلب، وأنه رفع إلى السماء،
ومنهم الروسيتية والمرسيونية والفلنطنيائية. وهذه الفرق الثلاث تعتقد
ألوهية المسيح، ويرون القول بصلب المسيح وإهانته لا يلائم البنوة والإلهية.

كما تناقل علماء النصارى ومحققوهم إنكار صلب المسيح في كتبهم، وأهم من قال بذلك الحواري برنابا في إنجيله.
ويقول ارنست دي بوش الألماني في كتابه " الإسلام: أي النصرانية الحقة " ما
معناه: إن جميع ما يختص بمسائل الصلب والفداء هو من مبتكرات ومخترعات بولس،
ومن شابهه من الذين لم يروا المسيح، لا في أصول النصرانية الأصلية.
ويقول ملمن في كتابه " تاريخ الديانة النصرانية " : " إن تنفيذ الحكم كان
وقت الغلس، وإسدال ثوب الظلام، فيستنتج من ذلك إمكان استبدال المسيح بأحد
المجرمين الذين كانوا في سجون القدس منتظرين تنفيذ حكم القتل عليهم كما
اعتقد بعض الطوائف، وصدقهم القرآن ".
وأخيراً نذكر بما ذكرته دائرة المعارف البريطانية في موضوع روايات الصلب حيث جعلتها أوضح مثال للتزوير في الأناجيل.
ومن المنكرين أيضاً صاحب كتاب " الدم المقدس، وكأس المسيح المقدس " فقد ذكر
في كتابه أن السيد المسيح لم يصلب، وأنه غادر فلسطين، وتزوج مريم
المجدلية، وأنهما أنجبا أولاداً، وأنه قد عثر على قبره في جنوب فرنسا، وأن
أولاده سيرثون أوربا، ويصبحون ملوكاً عليها.
وذكر أيضاً أن المصلوب هو الخائن يهوذا الأسخريوطي، الذي صلب بدلاً من المسيح المرفوع.
وإذا كان هؤلاء جميعاً من النصارى، يتبين أن لا إجماع عند النصارى على صلب المسيح، فتبطل دعواهم بذلك.
ويذكر معرِّب " الإنجيل والصليب " ما يقلل أهمية إجماع النصارى لو صح فيقول
بأن أحد المبشرين قال له: كيف يُنكر وقوع الصليب، وعالم المسيحية مطبق على
وقوعه ؟
فأجابه: كم مضى على ظهور مذهب السبتيين ؟ فأجاب القس المبشر: نحو أربعين سنة.
فقال المعرِّب: إن العالم المسيحي العظيم الذي أطبق على ترك السبت خطأ 1900 سنة، هو الذي أطبق على الصلب.
وأما إجماع اليهود فهو أيضاً لا يصح القول به، إذ أن المؤرخ اليهودي
يوسيفوس المعاصر للمسيح والذي كتب تاريخه سنة 71م أمام طيطوس لم يذكر شيئاً
عن قتل المسيح وصلبه.
أما تلك السطور القليلة التي تحدثت عن قتل المسيح وصلبه، فهي إلحاقات
نصرانية كما جزم بذلك المحققون وقالوا: بأنها ترجع للقرن السادس عشر، وأنها
لم تكن في النسخ القديمة.
ولو صح أنها
أصلية فإن الخلاف بيننا وبين النصارى وغيرهم قائم في تحقيق شخصية المصلوب،
وليس في وقوع حادثة الصلب. { وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه } (النساء:
157) وهذا حال اليهود والنصارى فيه.
ولكن المؤرخ الوثني تاسيتوس كتب عام 117م كتاباً تحدث فيه عن المسيح المصلوب.
وعند دراسة ما كتبه تاسيتوس، يتبين ضعف الاحتجاج بكلامه، إذ هو ينقل إشاعات
ترددت هنا وهناك، ويشبه كلامه أقوال النصارى في محمد صلى الله عليه وسلم
في القرون الوسطى.
ومما يدل على ضعف مصادره، ما ذكرته دائرة المعارف البريطانية، من أنه ذكراً
أموراً مضحكة، فقد جعل حادثة الصلب حادثة أممية، مع أنها لا تعدو أن تكون
شأناً محلياً خاصاً باليهود، ولا علاقة لروما بذلك.
ومن الجهل الفاضح عند هذا المؤرخ، أنه كان يتحدث عن اليهود - ومقصده:
النصارى. فذكر أن كلوديوس طردهم من رومية، لأنهم كانوا يحدثون شغباً وقلاقل
يحرضهم عليها " السامي " أو " الحسن " ويريد بذلك المسيح.
ومن الأمور المضحكة التي ذكرها تاسيتوس قوله عن اليهود والنصارى بأن لهم إلهاً، رأسه رأس حمار، وهذا هو مدى علمه بالقوم وخبرته.
كما قد شكك المؤرخون بصحة نسبة العبارة إلى تاسيتوس، ومنهم العلامة أندريسن
وصاحبا كتابي " ملخص تاريخ الدين " و " شهود تاريخ يسوع ".
وقد تحدث أندريسن أن العبارة التي يحتج بها النصارى على صلب المسيح في كلامه مغايِرة لما في النسخ القديمة التي تحدثت عن CHRESTIANOS بمعنى الطيبين، فأبدلها النصارى، وحوروها إلى: CHRISTIANOS بمعنى المسيحيين.
وقد كانت الكلمة الأولى ( الطيبين ) تطلق على عُبّاد إله المصريين
"أوزيريس"، وقد هاجر بعضهم من مصر، وعاشوا في روما، وقد مقتهم أهلها
وسموهم: اليهود، لأنهم لم يميزوا بينهم وبين اليهود المهاجرين من
الإسكندرية، فلما حصل حريق روما؛ ألصقوه بهم بسبب الكراهية، واضطهدوهم في
عهد نيرون.
وقد ظن بعض النصارى أن تاسيتوس يريد مسيحهم الذي صلبوه، فحرف العبارة، وهو
يظن أنه يصححها. ويرى العلامة أندريسن أن هذا التفسير هو الصحيح.
وإلا كان هذا المؤرخ لا يعرف الفرق بين اليهود والنصارى، ويجهل أن ليس ثمة علاقة بين المسيح وروما.
وهكذا فإن التاريخ أيضاً ناطق بالحقيقة، مُثبت لما ذكره القرآن عن نجاة المسيح وصلب غيره.
وتذكر دائرة
المعارف الكتابية سفرا اسمه " اعمال يوحنا " وهو من الاسفار التي حكمت
الكنيسة بعدم قراءته وانه من الاسفار الأبوكريفية . و تقول المصادر
المسيحية ان هذا السفر من المحتمل أنه قد كتب فيما بين 150 - 180 ميلادية .
ومما جاء في هذا السفر أن صلب يسوع كان مجرد مظهر وهمي ، وأن الصعود حدث
عقب الصلب الظاهري مباشرة فلا مكان لقيامة شخص لم يمت أصلاً . هذا وقد كان
لأعمال يوحنا تأثير واسع كما تذكر الدائرة .
ونجد في
مخطوطات ( نجع حمادي ) المكتشفة في مصر؛ حيث كشف بعد الحرب العالمية
الثانية عن ثلاثة وخمسين نصاً، تقع في ألف ومائة وثلاثة وخمسين صفحة، ومن
هذه النصوص ما تحدث عن نجاة المسيح، وأنه لم يصلب.
ولم يرد في هذه المخطوطات أيُّ ذِكْرٍ لمحاكمة المسيح وصلبه، بل جاء في
إنجيل بطرس على لسان بطرس: "رأيته يبدو كأنهم يمسكون به، وقلت: ما هذا الذ